كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(وَلِلْإِمَامِ) أَيْ: يَجُوزُ لَهُ (عَزْلُ قَاضٍ) لَمْ يَتَعَيَّنْ (ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ) لَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ كَكَثْرَةِ الشَّكَاوَى مِنْهُ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ ضَعُفَ، أَوْ زَالَتْ هَيْبَتُهُ فِي الْقُلُوبِ وَذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ، أَمَّا ظُهُورُ مَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ، فَإِنْ ثَبَتَ انْعَزَلَ وَلَمْ يَحْتَجْ لِعَزْلٍ، وَإِنْ ظَنَّ بِقَرَائِنَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ، وَيُحْتَمَلُ فِيهِ نَدْبُ عَزْلِهِ.
وَإِطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَ صَرْفِهِ عِنْدَ كَثْرَةِ الشَّكَاوَى مِنْهُ اخْتِيَارٌ لَهُ (أَوْ لَمْ يَظْهَرْ) مِنْهُ خَلَلٌ (وَهُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْهُ) فَلَهُ عَزْلُهُ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمِثْلِ؛ رِعَايَةً لِلْأَصْلَحِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجِبُ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ وِلَايَةَ الْمَفْضُولِ لَا تَنْعَقِدُ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ حُدُوثُ الْأَفْضَلِ بَعْدَ الْوِلَايَةِ فَلَمْ يَقْدَحْ فِيهَا (أَوْ) هُنَاكَ (مِثْلُهُ)، أَوْ دُونَهُ (وَفِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ كَتَسْكِينِ فِتْنَةٍ)؛ لَمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ (وَإِلَّا) يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ (فَلَا) يَجُوزُ عَزْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَتَصَرُّفُ الْإِمَامِ يُصَانُ عَنْهُ.
وَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْمَصْلَحَةِ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ مَعَهَا: وَلَيْسَ فِي عَزْلِهِ فِتْنَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَتِمُّ الْمَصْلَحَةُ إلَّا إذَا انْتَفَتْ الْفِتْنَةُ وبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ شَارِحٍ: لَا يُغْنِي عَنْهُ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مَصْلَحَةً مِنْ وَجْهٍ وَمَفْسَدَةً مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.
(لَكِنْ) مَعَ الْإِثْمِ عَلَى الْمُوَلِّي، وَالْمُتَوَلِّي (يَنْفُذُ الْعَزْلُ فِي الْأَصَحِّ) لِطَاعَةِ السُّلْطَانِ، أَمَّا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى مُوَلِّيهِ عَزْلُهُ، وَلَا يَنْفُذُ، وَكَذَا عَزْلُهُ لِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ يَنْفُذُ عَزْلُهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُوَلِّيهِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ كَالْوَكِيلِ.
وَلِلْمُسْتَخْلِفِ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ وَلَوْ بِلَا مُوجِبٍ وَلَوْ وَلِيَ آخَرُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَوَّلِ، وَلَا ظَنَّ نَحْوَ مَوْتِهِ لَمْ يَنْعَزِلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، نَعَمْ إنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَيْسَ فِيهِ إلَّا قَاضٍ وَاحِدٌ اُحْتُمِلَ الِانْعِزَالُ حِينَئِذٍ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَرْضَ حُدُوثُ الْأَفْضَلِ) يَنْبَغِي عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ لَا يُحْتَاجَ لِكَوْنِ الْفَرْضِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ مَعَ الْإِثْمِ عَلَى الْمُوَلِّي، وَالْمُتَوَلِّي يَنْفُذُ الْعَزْلُ فِي الْأَصَحِّ) هَذَا فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ أَمَّا الْوَظَائِفُ الْخَاصَّةُ كَإِمَامَةٍ وَأَذَانٍ وَتَصَوُّفٍ وَتَدْرِيسٍ وَطَلَبٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَنْعَزِلُ أَرْبَابُهَا بِالْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ ش م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلِيَ آخَرُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَوَّلِ، وَلَا ظَنَّ نَحْوَ مَوْتِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ وَلَّى الْإِمَامُ قَاضِيًا ظَانًّا مَوْتَ الْقَاضِي أَيْ: الْأَوَّلِ، أَوْ فِسْقَهُ فَبَانَ حَيًّا أَيْ: أَوْ عَدْلًا لَمْ يَقْدَحْ فِي وِلَايَةِ الثَّانِي قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ انْعِزَالُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَهُ لَا أَنَّهُ ضَمَّهُ إلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَفَّالِ فِي عَدَمِ انْعِزَالِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا ظَنَّ نَحْوَ مَوْتِهِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا ظُنَّ نَحْوَ مَوْتِهِ انْعِزَالٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ ضَعُفَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ إلَخْ) خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ، أَمَّا ظُهُورُ خَلَلٍ يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَزْلٍ لِانْعِزَالِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلِلْإِمَامِ عَزْلُ قَاضٍ إلَخْ فَيَجُوزُ عَزْلُهُ. اهـ. ع ش.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ قَوْلُ الشَّارِحِ، أَمَّا ظُهُورُ مَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ إلَخْ كَمَا يُفِيدُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي آنِفًا.
(قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَيَكْفِي فِيهِ أَيْ: ظُهُورِ الْخَلَلِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمِنْ الظَّنِّ كَثْرَةُ الشَّكَاوَى مِنْهُ بَلْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إذَا كَثُرَتْ الشَّكَاوَى مِنْهُ وَجَبَ عَزْلُهُ انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وُجُوبَ صَرْفِهِ) أَيْ: عَزْلِهِ عَنْ الْوِلَايَةِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: اخْتِيَارٌ لَهُ) خَبَرُ وَإِطْلَاقُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مِنْهُ خَلَلٌ) إلَى قَوْلِهِ: وَاسْتَغْنَى فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَرْضَ إلَخْ) يَنْبَغِي عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ لَا يُحْتَاجَ لِكَوْنِ الْفَرْضِ ذَلِكَ. اهـ. سم.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: بِهِ) أَيْ: الْمِثْلِ يَعْنِي لِأَجْلِ نَصْبِهِ قَاضِيًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ.
(قَوْلُهُ: عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إلَخْ) أَيْ: الْمُحَرَّرِ عِبَارَتُهُ: أَوْ مِثْلُهُ وَفِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ وَلَيْسَ فِي عَزْلِهِ فِتْنَةٌ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مَعَهَا) أَيْ: الْمَصْلَحَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي عَزْلِهِ فِتْنَةٌ مَقُولُ الْأَصْلِ.
(قَوْلُهُ: قَوْلُ الشَّارِحِ إلَخْ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَا يُغْنِي) أَيْ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ عَنْهُ أَيْ: عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَيْسَ فِي عَزْلِهِ فِتْنَةٌ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الْإِثْمِ) إلَى قَوْلِهِ وَلِلْمُسْتَخْلِفِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُوَلِّيهِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمُوَلِّي) أَيْ: السُّلْطَانِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَلِّي) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ سَعَى فِي الْعَزْلِ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ الطَّلَبِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِتَأْثِيمِهِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: يَنْفُذُ الْعَزْلُ فِي الْأَصَحِّ) هَذَا فِي الْأَمْرِ الْعَامِّ، أَمَّا الْوَظَائِفُ الْخَاصَّةُ كَإِمَامَةٍ وَأَذَانٍ وَتَصَوُّفٍ وَتَدْرِيسٍ وَطَلَبٍ وَنَظَرٍ وَنَحْوِهَا فَلَا تَنْعَزِلُ أَرْبَابُهَا بِالْعَزْلِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
أَيْ: بِأَنْ كَانَ فِيهِ أَنَّ لِلنَّاظِرِ الْعَزْلَ بِلَا جُنْحَةٍ، ثُمَّ الْعِبْرَةُ فِي السَّبَبِ الَّذِي يَقْتَضِي الْعَزْلَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِطَاعَةِ السُّلْطَانِ) إلَى قَوْلِهِ: نَعَمْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُوَلِّيهِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلِيَ آخَرُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ وَلَّى الْإِمَام قَاضِيًا ظَانًّا مَوْتَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ، أَوْ فِسْقَهُ فَبَانَ حَيًّا أَوْ عَدْلًا لَمْ يَقْدَحْ فِي وِلَايَةِ الثَّانِي كَذَا قَالَاهُ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: انْعِزَالُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَهُ لَا أَنَّهُ ضَمَّهُ إلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَفَّالِ عَدَمُ انْعِزَالِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ.
وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ تَوْلِيَةَ قَاضٍ بَعْدَ قَاضٍ هَلْ هِيَ عَزْلٌ لِلْأَوَّلِ؟ وَجْهَانِ وَلِيَكُونَا مَبْنِيَّيْنِ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ قَاضِيَانِ. اهـ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَزْلٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا ظَنَّ نَحْوَ مَوْتِهِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ نَحْوَ مَوْتِهِ انْعَزَلَ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: اُحْتُمِلَ الِانْعِزَالُ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا الِاحْتِمَالُ مُتَّجَهٌ بَلْ مُتَعَيَّنٌ وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ حُكْمُ حَادِثَةٍ يَكْثُرُ السُّؤَالُ فِيهَا وَهِيَ تَوْلِيَةُ مَدْرَسَةٍ لِمُدَرِّسٍ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِعَزْلِ الْمُدَرِّسِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ مِمَّا اطَّرَدَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنَّ الْمَدْرَسَةَ لَا يَلِيهَا إلَّا مُدَرِّسٌ وَاحِدٌ نَعَمْ لَوْ فُرِضَ اطِّرَادُ الْعُرْفِ فِي مَحَلٍّ بِالتَّشْرِيكِ فِي الْمَدْرَسَةِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا وَاضِحًا. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ خَبَرُ عَزْلِهِ) لِعِظَمِ الضَّرَرِ فِي نَقْضِ أَقْضِيَتِهِ لَوْ انْعَزَلَ.
وَمَرَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ فِي بَابِهِ.
وَمَنْ عَلِمَ عَزْلَهُ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ لَهُ إلَّا إنْ يَرْضَى بِحُكْمِهِ فِيمَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ غَيْرُ حَاكِمٍ بَاطِنًا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ صَحَّ مَا قَالَهُ أَنَّهُ غَيْرُ حَاكِمٍ بَاطِنًا، أَمَّا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ خَبَرُ عَزْلِهِ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَلَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ بِتَزْوِيجِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا مَثَلًا لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا انْعِزَالُهَا، فَإِنْ قُلْت: الْمَاوَرْدِيُّ يَخُصُّ عَدَمَ نُفُوذِهِ بَاطِنًا بِحَالَةِ عِلْمِ الْخَصْمِ لَا مُطْلَقًا قُلْت: هُوَ حِينَئِذٍ بِالتَّحَكُّمِ أَشْبَهُ فَلَا يُقْبَلُ؛ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ مُعْتَقَدُهُ أَنَّ وِلَايَتَهُ بَاقِيَةٌ قَبْلَ بُلُوغِهِ هُوَ خَبَرُ الْعَزْلِ.
وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ الِاكْتِفَاءَ فِي الْعَزْلِ بِخَبَرِ وَاحِدٍ مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ، وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ عَدْلَيْ الشَّهَادَةِ، أَوْ الِاسْتِفَاضَةِ كَالتَّوْلِيَةِ.
لَا يُقَالُ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ عَلِمَ عَزْلَهُ، أَوْ ظَنَّهُ أَنْ يَعْمَلَ بَاطِنًا بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ أَوْ ظَنِّهِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ إنْ قُلْنَا بِعَزْلِهِ بَاطِنًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ خَبَرُهُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ.
وَلَا يَكْفِي كِتَابٌ مُجَرَّدٌ، وَإِنْ حَفَّتْهُ قَرَائِنُ يَبْعُدُ التَّزْوِيرُ بِمِثْلِهَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ، وَلَا قَوْلُ إنْسَانٍ: وُلِّيت، نَعَمْ الْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي والْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَفَذَ حُكْمُهُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا كَالْمُحَكَّمِ بَلْ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا إذَا صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا، أَوْ صَدَّقَهُ أَهْلُ الْحَلِّ، وَالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُمْ لَا يُثْبِتُ تَوْلِيَةً عَامَّةً بِخِلَافِ تَوْلِيَتِهِمْ فِيمَا قَدَّمْته قُبَيْلَ قَوْلِهِ: وَشَرْطُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ ذَاكَ جُوِّزَتْ لِلضَّرُورَةِ فَتَقَدَّرَتْ بِقَدْرِهَا وَلَزِمَ عُمُومُهَا، وَلَا كَذَلِكَ مُجَرَّدُ تَصْدِيقِهِمْ لَهُ.
وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ اخْتِلَافُهُمْ فِي أَنَّ التَّصْدِيقَ هَلْ يُفِيدُ أَوَّلًا بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ إذَا انْعَزَلَ لَمْ تَنْعَزِلْ نُوَّابُهُ حَتَّى يَبْلُغَهُمْ خَبَرُ عَزْلِهِ كَمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَعْلُومَهُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ نُوَّابِهِ كَبَقَائِهِ، وَأَنَّ نَائِبَهُ إذَا بَلَغَهُ خَبَرُ عَزْلِ أَصْلِهِ لَمْ يَنْعَزِلْ لِبَقَاءِ وِلَايَةِ أَصْلِهِ وَنَظَرَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَالنَّظَرُ فِي الثَّانِيَةِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي انْعِزَالَهُمْ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ لِلضَّرُورَةِ فَلْيَتَقَدَّرْ بِقَدْرِهَا فِي عَدَمِ انْعِزَالِهِمْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ بِبَقَاءِ وِلَايَتِهِمْ، وَفِي الثَّالِثَةِ إنَّمَا يُتَّجَهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ لَا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ.
وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي بُلُوغِ خَبَرِ الْعَزْلِ لِلنَّائِبِ بِمَذْهَبِهِ لَا بِمَذْهَبِ مُنَوِّبِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ بَعْدَ الْعَزْلِ) كَتَبَ عَلَى فَلَا يَصِحُّ م ر.
(قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ لَابُدَّ مِنْ عَدْلَيْ الشَّهَادَةِ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر وَقَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ إذَا انْعَزَلَ لَمْ يَنْعَزِلْ نُوَّابُهُ حَتَّى يَبْلُغَهُمْ إلَخْ كَتَبَ عَلَيْهِ م ر وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي انْعِزَالَهُمْ كَتَبَ عَلَيْهِ م ر وَقَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي بُلُوغِ خَبَرِ الْعَزْلِ لِلنَّائِبِ بِمَذْهَبِهِ لَا بِمَذْهَبِ مُنَوِّبِهِ كَتَبَ عَلَيْهِ م ر.
(قَوْلُهُ: لِعِظَمِ الضَّرَرِ) إلَى قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ: أَلَا تَرَى فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ عُلِمَ إلَخْ) أَيْ: وَالْخَصْمُ الَّذِي عَلِمَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِ) عِلَّةٌ لِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ.
(قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) ضَعِيفٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ؛ إذْ عِلْمِ الْخَصْمِ بِعَزْلِ الْقَاضِي لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ قَاضِيًا. اهـ.